بسم الله الرحمن الرحيم!

حضرات السادة المشاركون وضيوف المؤتمر الدولي الكرام!

اسمحوا لي نيابة عن اللجنة التنظيمية بأن أرحب بكم ترحيبا حارا في هذا المنتدى رفيع المستوى و أن أشكركم على تلبية الدعوة و على المشاركة في هذا النشاط.

بداية أود القول أننا فجعنا جميعاً بالأحداث المأساوية الأخيرة التي وقعت منذ أيام في مساجد نيوزيلندا.و اسمحوا لي أن أعلن الوقوف دقيقة صمت تكريما لذكرى إخواننا في الدين الذين سقطوا أبرياء و لذكرى جميع ضحايا القتل الأبرياء من مختلف الديانات و في جميع انحاء العالم.

شكرا.

أصدقائي الأعزاء، إننا نبدأ أعمال مؤتمرنا بدقيقة صمت حداداً على أرواح الأبرياء الذين سقطوا جراء ذلك العمل الاجرامي الذي لا مبرر له ولا مغفرة. لقد جمع هذا المنتدى ممثلين عن الأديان العالمية من ٣٩ دولة أجنبية و من سائر أرجاء روسيا و أجلسهم متراصين حول هذه المائدة المستديرة، و أنا آمل أن يتمكن المؤتمر من التعبير عن موقف سلبي تجاه الإرهاب و تجاه محاولات استخدام الدين لتبرير القتل والعنف، و أن يوحد المجتمع الدولي و جميع أصحاب النوايا الحسنة في الحرب ضد الإرهاب.

حضرات السادة المشاركون وضيوف المؤتمر الكرام!

أصدقائي الأعزاء!

إنني أعتبر موضوع المؤتمر موضوعا ملحاً اليوم، حيث يتزايد في الظروف الحديثة دور العامل الديني وأهميته، كما يتزايد تأثير الديانات التقليدية الإيجابي على جميع مجالات نشاط الإنسان و على حياة المجتمع الروحية والاجتماعية. وقد أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الصدد إلى أن: "المسيحية الأرثوذكسية والإسلام والبوذية واليهودية - مع تباينها وخصوصياتها - تقوم على أساس من القيم الأخلاقية و الروحية المشتركة ألا وهي الرحمة واللُحمة و الحقيقة و العدالة و احترام كبار السن و المثل العليا للأسرة والعمل. لا يمكن استبدال هذه القيم الاخلاقية بأخرى غيرها و من الواجب علينا توطيدها و تعزيزها. لدي قناعة تامة بأن الدولة والمجتمع مطالَبون بتشجيع و دعم النشاطات التي تقوم بها الأديان التقليدية في روسيا في مجال التعليم والتنوير و في المجال الاجتماعي و في القوات المسلحة". و تبدو ملحة مشكلة تعزيز السلام والوئام بين الأعراق والديانات في المجتمع و الحفاظ عليه. و في هذا الصدد يجب أن يأخذ السياسيون والمسؤولون والدبلوماسيون والشخصيات الدينية والعامة والعلماء والمؤمنون والجمهور بشكل عام المسؤولية على عاتقهم.

إننا نعبر جميعا عن قلقنا بشأن النشاط المتزايد للطوائف المخربة المتطرفة، و بشأن المستوى المرتفع لكراهية الأجانب و كراهية الإسلام، و انتشار الإيديولوجيات المتطرفة، ومحاولات استخدام الدين لتبرير التطرف والإرهاب، واضطهاد المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومحاولات تقسيم الأرثوذكسية بناء على اعتبارات سياسية و انتهازية و غيرها، و كذلك بشأن عمليات إبعاد المسيحية عن الأسس الروحية والأخلاقية للحياة العامة في إطار الحضارة الغربية و غيرها. و لا شك بأن التحديات التي تواجه الديانات التقليدية تشكل تهديداً للمجتمع الدوليبأسره. تُعتبر تجربة قرون عدة من التعايش السلمي بين الجنسيات والديانات المختلفة في روسيا تجربة هامة تستحق التحليل العلمي والتطبيق.كما تعتبر التجربة التاريخية للتفاعل بين الثقافات والأديان والتطور السلمي تراثا تاريخيا روسيا يجب تطبيقه في بلدان أخرى. اليوم نحن جميعا بحاجة إلى مسار تطور سلمي وهادئ ومستقر، ومن الواضح تماما أنه لا يوجد بديل عن عملية التعايش السلمي بين الثقافات والأديان و عن تطوير الحوار و التعاون فيما بينهم.و أحقَّ قداسة بطريرك موسكو و سائر روسيا كيريل عندما قال: " إن مفهوم التعايش السلمي والشراكة بين النماذج الثقافية المختلفة والتي لا ينبغي أن يدعي أي منها حقه في الشمولية و أن يقمع الآخرين، يمكن أن يكون بديلاً لـ" بوتقة انصهار" الحضارات التي يقدمها لنا الغرب نموذجا، والتي تدمر القيم الدينية التقليدية. يجب علينا الجمع بين الالتزام بالحقوق والحريات و بين احترام المبادئ الأخلاقية والتقاليد القومية والدينية للشعوب". لا يسعنا إلا تأييد ما تقدم من كلمات و الموافقة عليها. و سيكون ما ذكر أعلاه، عوضا عن المشاكل الأخرى المتمثلة في تعزيز السلام والوئام بين الأديان في الظروف الآنية، موضوعا للبحث و التداول في منتدانا اليوم.

يسرني التنويه مرة أخرى إلى أن مؤتمرنا يحتضن ضيوفا حضروا من ٣٩ دولة و هم يمثلون حكومات و منظمات دينية ومراكزاً أجنبية مشهورة للعلوم الإنسانية والدينية. كما يحضر في هذه القاعة أيضًا ممثلون عن الهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني و المنظمات الدينية والأوساط العلمية و الإختصاصية من مختلف أنحاء روسيا. و قد اسطدمنا خلال اعدادنا لهذا المنتدى بمشاكل مختلفة، كان منها أن طرح بعض الخبراء تساؤلات عن الأسباب الذي دفعت بالمنظمات الدينية إلى دعوة دبلوماسيين وشخصيات عامة للمشاركة في أعمال هكذا مؤتمر يحمل في الظاهر طابعا دينيا. و ردا على تلك التساؤلات يمكننا القول بأن جميع رسل الله والأنبياء كانوا، في واقع رسالاتهم، دبلوماسيين وناشطين اجتماعيين كما كانوا دائما حاضرين بين الناس. نقول في روسيا: "فعل الخير كالحديث مع الله". و واجبنا المقدس أمام الله والدولة والشعب أن نساعد و نتصدر الأعمال التي يحبها الله، وأن نجعل هنا من جميع أصحاب النوايا الحسنة حلفاء لنا.

أصدقائي الأعزاء!

اسمحوا لي أن أعلن عن افتتاح المؤتمر العلمي - التطبيقي الدولي "سبل التعايش السلمي بين الاديان: دور العلماء و الدبلوماسيين و المهتمين في تحقيقه".

YouTubeR خطأChannel ID:UCP1dhR_czJ1f38b1LDFP8dw not found