تم اليوم افتتاح المنتدى الدولي الرابع "الدين والعالم" في موسكو الذي يعتبر بمثابة منصة حوار هامة لمناقشة العلاقات بين القوميات والديانات، ومسائل الحفاظ على القيم التقليدية وحمايتها، وبحث مشكلات تربية الشباب، والأمن المعلوماتي والتعصب الديني.
وفي هذا العام كان موضوع المنتدى: "الدين والسلام: الدين والمجتمع الرقمي".
لا يمكن تخيل الإنسانية اليوم وفي المستقبل بدون التكنولوجيات الرقمية التي اخذت تندمج بشكل متزايد في حياة المجتمع الحديث، وتصبح جزءًا لا يتجزأ منها. ووفقا لدراسة قام بها مركز "فتسيوم" للدراسات الاجتماعية، باتت نسبة مستخدمي الإنترنت في روسيا تصل الى 80 ٪. ويوميا يدخل الى الشبكة العالمية 62٪ ، وبين المواطنين الروس الذين تنحصر اعمارهم بين 18 و 24 سنة يتجاوز هذا الرقم 95٪.
لقد باتت الشبكة العالمية اليوم، ليس مجرد مكان للتواصل، والحصول على الأخبار، والقيام بعمليات الشراء والبحث عن كل أنواع المعلومات ، بل هي أيضا أداة لتشكيل العقيدة والإيديولوجيات وتغير وجهات النظر. وعدم اخذ في الاعتبار قدراتها ومستوى تأثيرها – يشبه ويعادل تجاهل الحقيقة.
وانطلاقا من ذلك، يجب القول، أن المنظمات الدينية وعلى اعتبارها احدى اول المؤسسات الاجتماعية التي رافقت البشرية خلال كل تاريخها، لا يجوز لها بتاتا ان تتباطأ أو تتأخر او ان تبقى جانبا وبعيدا عن التقدم التقني، بل يجب عليها ان تكون من اوائل المؤثرين والموجهين لمحور تطور وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة ويجب عليها ان تقوم بإغنائها بالموجهات الاخلاقية والقيم الإنسانية.
وخلال الافتتاح القى مفتي الجمهورية العربية السورية أحمد بدرالدين حسون كلمة امام المشاركين، شكرهم فيها على اهتمامهم بموضوع الحفاظ على القيم الدينية باسم السلام العالمي على الأرض ، مشددًا على أننا جميعًا أشقاء. وطرح المفتي أفكاره حول زعزعة استقرار الوضع الديني في العالم وقال: "البعض يريد تشويه معنى ما ورد في الكتب المقدسة، والتركيز على الاختلافات فيها، وصدم الناس بعضهم البعض. ما يحدث في سوريا لا علاقة له بالدين. وتقوم وسائل الإعلام عديمة الضمير بتشويه المعلومات. نحن جميعا نتحمل مسؤولية 39 ألف إرهابي جاءوا الى سوريا للقتال من دول مختلفة. إنهم يريدون بناء دولة دينية احادية الطابع ، لكننا نعلم أنه لا يوجد اي نبي دعا لطرد ابناء الديانات الاخرى ولم ينتهك حقوقهم".
وحضر هذه الفعالية، رئيس الجمعية الدينية لمسلمي روسيا ، عضو المجلس الاجتماعي في روسيا الاتحادية، المفتي ألبير كرغانوف. وتحدث في قسم "حوار الأديان: مواجهة التطرف الديني على شبكة الإنترنت" وقدم تقريرا حول موضوع "مشاكل منع انتشار الفكر المتطرف في بيئة الشباب والشبكات الاجتماعية".
وقال المفتي كرغانوف: "بمساعدة الإنترنت اليوم، يتم توزيع ونشر الكثير من المعلومات الخاطئة والمتناقضة حول المواضيع الدينية، وبمساعدتها يمكن تضليل وخداع أي شخص ساذج، وخاصة من الشباب، وإثارة انفعالات وردود قوية ، ودفعه لتصديق المعلومات الكاذبة دون قيد أو شرط. هذا يؤدي إلى أن اي شاب قليل الخبرة ، عندما يدخل الى الانترنت، يقوم على الفور بتشكيل الاعتقاد الخاطئ ، الذي غالبًا ما يكون متطرفًا وغير متسامح مع وجهات النظر الأخرى. وتبدو العواقب، بطبيعة الحال، معروفة لنا جميعا: انتشار العدائية والحقد والتفرقة وانتهاك الاستقرار والوئام والسلام في المجتمع".
لقد أصبحت الشبكة العالمية، بمثابة الأداة الرئيسية لنشر التطرف والتجنيد في أيدي المتطرفين من مختلف الأنواع. وتسبب ذلك بتعزيز وتقوية المنظمات الإرهابية بشكل كبير، وتحويل الإرهاب إلى تهديد عالمي في القرن الواحد والعشرين. علاوة على ذلك ، اليوم باتت شبكة الإنترنت بمثابة أداة تطبيق عملية للعديد من أنواع الجرائم الافتراضية من الاحتيال وحتى الإرهاب المعلوماتي.
ويرى منظمو المنتدى ، ان مثل هذه النزعات يتطلب تعزيز وتنفيذ أساليب أكثر فعالية للتعاون الإنساني والخدمة الاجتماعية من جانب كل الأديان التقليدية. يجب أن يكون ذلك على هيئة التبشير والدعوة بشكل جديد ويجب ان يكون مشبعا بالمبادئ الإنسانية العامة، مع عدم تكبيله بالطقوس والأطر العقائدية.
وقال المفتي كرغانوف: "تستخدم المنظمات المتطرفة شجاعة الشاب، وسذاجته ، وتلعب على أكثر المشاعر المقدسة ، وتتلاعب بالأفكار الدينية ، وتقوم باستبدال المفاهيم ، وسحب الكلمات من السياق، والتركيز على النقاط المفيدة لهم. لذلك ، يجب علينا القيام بأعمال أكثر نشاطًا وفعالية في هذا الاتجاه ، ودراسة كتلة المعلومات بعناية ، وتقديم معلومات موثوقة ومحدثة ، والتنوير. وتكمن مهمتنا في أن يسمعنا جيل الشباب وينصت لنا. وللقيام بذلك ، يجب التحدث معهم بنفس اللغة ، والتقاط المواضيع التي تهمهم ومواكبة العصر والاستجابة لتحديات عصرنا".
ويشارك في اعمال المنتدى، رجال دين وشخصيات اجتماعية وعامة من مختلف البلدان ، وممثلون عن هيئات سلطات الدولة في روسيا ومجموعة من الخبراء المحليين والأجانب.
في إطار أقسام المنتدى تم التطرق الى مواضيع ومسائل مختلفة، مثل دور الدين في المجتمع الرقمي الحديث، وتكنولوجيات الاتصال الجديدة كأداة للخدمة الاجتماعية للدعوة الدينية والتبشير، وطرق التصدي لمظاهر التطرف الديني في شبكة الإنترنت العالمية، وموقف الشباب الحديث تجاه الدين.
وعقدت فعاليات المنتدى الدولي الرابع "الدين والسلام" في المركز الاعلامي الدولي لوكالة "روسيا اليوم"، واشرف على تنظيمه اتحاد "العالم المسيحي" بدعم من حكومة مدينة موسكو.