معالي الدكتور عبد العزيز التويجري مدير عام منظمة الثقافة والعلوم ايسيكو
اصحاب المعالي وزراء التربية والتعليم في العالم الاسلامي
السادة المشاركين المحترمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
إنه لشرف عظيم لي أن أمثل روسيا في هذا المنتدى الكبير واسمحوا لي في البداية أن أحييكم جميعا باسم الجمعية الدينية لمسلمي روسيا متمنيا لاجتماعكم هذا كل النجاح والتوفيق بما فيه خير امتنا وشعوبنا
لقد خلق الله سبحانه وتعالى، هذا العالم مرفقا بالعديد من المحن والاختبارات. ومن المعروف أن، الرغبات البشرية المفعمة بالخطايا والغرور والكراهية والجشع والكبرياء تؤدي إلى حروب عالمية وصراعات إقليمية.
ايها السيدات والسادة :
ينعقد اجتماعكم هذا في وقت يشهد العالم كله موجه من العنف واعمال ارهابية لا تعرف الحدود ولا تستثني احدا وكل ذلك باسم الاديان والمعتقدات الدينية الزائفة التي تتحول الى أداة للحرب. وفي القرن الحادي والعشرين، لا تزال كراهية المعتقدات الأخرى ، كما في أيام الحروب الدينية في القرون الوسطى ، هي أيضاً سبب اندلاع الحرب وسبب المعاناة الإنسانية.
لذ يجب علينا جميعا مضاعفة الجهود المشتركة للتصدي لهذه الافكار الضالة وايجاد الحلول المناسبة لعلاجها ولا شك ان التربية والتعليم هي الاساس لاصلاح الخلل في المناهج التعليمية لانتاج جيل جديد من الشباب يفهم معنى التعايش والسلام مع الاخر مهما كانت ديانته ولغته وقوميته .
ولقد كان الاسلام منذ نزوله في مكة دين السلام لان الاسلام هو السلام وقد قال الله سبحانه وتعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين
فلا يجوز لاحد ان يقتل باسم الدين لان ذلك منهي عنه في ديننا . إن بلادنا- روسيا- تؤكد صحة ذلك بالمثال الذي تقدمه حيث يعيش المسلمون وغير المسلمين جنبا الى جنب في ظل الدولة الواحدة واحترام القانون والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع الروسي . وهذا لا يعني اننا لم نتعرض للارهاب لقد عانينا في روسيا من مرارة اعمال الارهابية بسبب جماعات العنف والدماء التي جاءت تعلمنا ديننا والتي فرقت المسلمين وقسمتهم الى جماعات متناحرة
ايها السيدات والسادة :
ان مسلمي روسيا الذين كانوا يسمون مسلمي ما وراء النهر قد ساهموا في تطوير واثراء الثقافة والعلوم الاسلامية وكانت لهم مساهمات كبيرة في جميع العلوم الاسلامية والانسانية والعالمية .فكان منهم العلماء في جميع التخصصات التي اصبحت منارة للمعرفة في العالم كله . ويجب علينا جميعا ،أن ندعو ونشجع المشاريع التعليمية التي تكشف عن جمال الإسلام. وتعميم التجربة الوقائية من الأفكار الدينية الزائفة ، وإخراج الدين من سيطرة الجهل والتخلف.
لقد اثبتت التجارب ان الناس المتعلمين يمكنهم تمييز القيم الحقيقية عن الإفتراءات والتضليل. ومن المعروف ان الثقافة والمعرفة بالذات، سمحت لنا بالتغلب على الكراهية واليأس في القوقاز الروسي. وسمحت للدولة بوقف الحرب وإعادة الناس إلى الحياة السلمية.
منذ آلاف السنين ، يتعرض البشر للقتل والموت تحت رايات التعصب والعداء. ويعتبر الفقر ، وانخفاض مستوى التعليم ، وانعدام المعرفة الأساسية، بمثابة الأرضية والتربة الخصبة التي تسمح بتجنيد الجاهلين في الجماعات المتطرفة التي توجه من بعض الجهات الغربية وأجهزتها الخاصة كل ذلك في سبيل القيم التي يعتبروناها أسمى وأجل من كل القيم العالمية .
وتجدر الاشارة الى ان انتشار التطرف والراديكالية في المجتمع وفي الدين، هو في المقام الأول، نتيجة للتصورات المشوهة والدخيله التي يولدها الجهل والتخلف.
ويزيد من تعقيد الوضع وتفاقمه، التأثير المستهدف المركز على ذلك من جانب القوى الخارجية المغرضة التي يهمها كثيرا زعزعة استقرار العالم الإسلامي وتشويه صورته من خلال تدمير الهوية الروحية والثقافية ويمكن للعالم الإسلامي نفسه أن يوقف هذه العملية المدمرة ، بالاعتماد على إمكانياته الداخلية القوية التي منحها الله لنا.
وتتلخص هذه الامكانيات والقدرات في العلوم والثقافة والتعليم – وهذا هو المخرج الذي يؤدي إلى السلام في جميع أنحاء العالم. ويجب القول،
ولكن السؤال المهم ماذا يمكننا معا ان نفعل في العالم الإسلامي؟
يقول الله سبحانه وتعالى في القران الكريم بشكل واضح لا لبس فيه: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"( سورة الانعام الاية 159).
وقال رسول الله :" إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا". رواه البخاري (6064)
لقد أكد إعلان عُمان لعام 2005 على الالتزام بالتعايش السلمي بين المدارس والتيارات الدينية والفلسفية لذلك دعونا نعمل جميعا ، على الرغم من التناقضات التي تفرق بيننا على تطبيق هذا الاعلان . إذ فقط معا نكون أقوياء ، لنتمكن من التصدي لأي أحد يحاول تحويلنا إلى دمى.
من جانبه اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنه من اجل عقد الصلح بين السنة والشيعة، يجب عقد مؤتمر اسلامي عام ويجب الإعلان بوضوح عن وحدة جميع المسلمين! ومن الضروري التصدي لكل أولئك الذين يزرعون العداء والفتنة.
للأسف الشديد، ، لا يرى السنة والشيعة في أجزاء كثيرة من الأرض، بعضهم بعضا كاخوة ، بل يكنون لبعضهم بعضا العداء .
هذا امر لا يجوز ان يستمر ! انظروا إلى مثال جمهورية داغستان (روسيا) مدينة ديربينت تعيش وتتطور على مدى 5000 عام. يعيش بعض سكانها من اهل الكتاب جنبا الى جنب مع المسلمين من المذاهب المختلفة ورغم الاختلاف في الدين والمذهب إلا انهم يبقون إخوة وجيران طيبين.
ولم يقاتلوا أبدا مع بعضهم البعض! ونظرا على هذا التفرد التاريخي ، نطلب من إدارة الإيسيسكو النظر في مبادرتنا وإعلان مدينة ديربينت ،(باب الأبواب) القديمة كعاصمة للثقافة الإسلامية للإيسيسكو عام 2019
يدعو الإسلام ، وفق القرآن ووفق تعاليم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى الخير والسلام والأخوة والوحدة ، وليس المآسي والانفصال والانقسام والمعاناة. قامت روسيا كدولة متعددة الجنسيات ومتعددة الديانات على مر القرون ببناء النموذج الصالح للتعايش السلمي والتفاعل بين ممثلي مختلف الأديان والثقافات. لقد أدركت شعوب روسيا منذ أمد طويل أن العمل المبدع المشترك يجلب السلام والازدهار لكل بيت ، بغض النظر عن دين وقومية الناس الذين يعيشون فيه.
تعتبر مدينة القدس، أول قبلة للمسلمين ، ومن هناك بالذات صعد نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى السماء ، هذا الإحساس بالتاريخ لا يزال حيا في قلوبنا. بالنسبة لنا تبقى القدس، أرضا مقدسة. وهذا موقفا دائما لا يتزحزح ، فالقدس في قلوب المسلمين في كل العالم ولا أحد يستطيع أن يخرجها من هناك.
ويعلمنا القرآن الكريم وسنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) احترام جميع الأديان السماوية والثقافاتولا يجوز تعقيد حياة الناس بشكل مصطنع ، وبذر الانقسام والفوضى بينهم. روسيا عبرت بوضوح عن موقفها من هذه القضية.
ويجب ان يكون الدين عامل تعاضد وتوحيد ويجب ان يجلب السعادة والفرح والاستقرار وتطوير المجتمع، وليس جلب الموت والجهل والركود والفوبيا والعداوة والكراهية!
ايها السيدات والسادة :
لقد قيل قديما ان من جهل شيئا عاداه . ومن احد اسباب الكراهية والعنف عدم معرفة الاخر معرفة حقيقية وهنا تاتي اهمية دور الاعلام في تعريف الشعوب بعضها ببعض ومكافحة خطاب التطرف والكراهية لذا علينا نتعرف على بعضنا البعض بشكل اعمق ومعرفة المزيد عن بعضنا البعض. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف قمنا بتوقيع اتفاقية تعاون مع UNA (اتحاد وكالات انباء دول منظمة التعاون الإسلامي) حول الأنشطة الإعلامية ونشر التراث والثقافة الإسلامية والحفاظ عليها ، ومشروع (قويم) الخاص بمواجهة التطرف الديني الزائف ، والتكفير والإسلاموفوبيا) وشراكتنا الإستراتيجية مع مجموعة التعليم والتدريب DLT ونأمل أن يسهم ذلك لما نأمل به من العيش بسلام
يحضر في هذه القاعة اليوم ، ممثلو 54دولة يعيش فيها المسلمون جنبا الى جنب مع ممثلي الديانات الأخرى.
إن هذا الوقت العصيب ، ويجب علينا جميعا أن نمد الايدي لبعضنا البعض ونتبادل المساعدة والدعم المتبادل. الدين يوحد الناس في محبة الله ، لقد خلق الله كل شيء حولنا – الله واحد احد! وفقط من خلال الجهود المشتركة بين الأديان يمكننا أن نتحد وأن نكون قادرين على مقاومة الشر الذي يفصل بيننا.
ونود القول إن مسلمي روسيا ومواطنيها الآخرين من ابناء الديانات الاخرى، على استعداد للحوار والتعاون في سبيل السلام والإبداع!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..... شكرا لإصغائكم واهتمامكم