أخذ التعاون الدولي في مجال تبادل خبرات التعامل والحوار الديني والقومي المشترك، عبر وسائل الإعلام بين روسيا وإندونيسيا، يعطي نتائجه الملموسة - حيث يتوسع شكل مشاريع التعاون والتفاعل بين روسيا وإندونيسيا.
وحدثت خطوة دورية جديدة في هذا المجال، عندما انعقدت طاولة مستديرة تحت عنوان" تشكيل الدولة الراسخة والمجتمع المدني على طريق تحقيق الانسجام بين الطوائف والاديان".
وانعقدت الفعالية في اطار الحوار الروسي – الإندونيسي الديني المشترك والإعلامي المتبادل الثاني الذي جرى في المجلس الاجتماعي الروسي في يوم 14 سبتمبر الجاري.
وفي مركز هذا النقاش الدولي، كانت مواضيع التسامح والوئام الديني، ومكافحة التطرف، ومبادئ القوة الناعمة في سياق مكافحة الإرهاب والتطرف، ودور وسائل الإعلام في محاربة العناصر المخربة الخارجة عن القانون، ومكافحة الأخبار الكاذبة في واقع المجتمع المفتوح الحديث وعصر وسائل الإعلام الاجتماعية والعولمة.
وشارك في لقاء الطاولة المستديرة المذكورة، ممثلو هيئات سلطات الدولة والمؤسسات الحكومية والمنظمات الاجتماعية والجماهيرية، الأكثر نشاطا في مجال العلاقات بين الأعراق والديانات.
ومن بين المشاركين في فعالية الطاولة المستديرة، كان هناك من الجانب الروسي، سفير المهمات الخاصة في وزارة الخارجية الروسية، قسطنطين شوفالوف ومفتي الجمعية الدينية لمسلمي روسيا، عضو في المجلس الاجتماعي لروسيا الاتحادية ألبير كرغانوف، وكذلك نائب سكرتير المجلس الاجتماعي لروسيا الاتحادية سيرغي أورجونيكيدزه، ورئيس لجنة تنسيق العلاقات بين الأعراق والديانات في المجلس الاجتماعي الروسي يوسف ديسكين، وكذلك الكسندر تيرينتييف، كبير مستشاري مكتب شؤون السياسة الداخلية التابع لرئيس الدولة، والكسندر سيمينوفيتش برود عضو مجلس حقوق الإنسان ولجنة الشؤون القومية في الكرملين، والقمص ايغور زوتيكوفيتش يايموتش وكذلك رئيس وكالة الاستراتيجيات القومية والاثنية البروفيسور الكسندر كوبرينسكي وغيرهم من الشخصيات الرسمية والاجتماعية.
وحضر هذا الحدث، عن الوفد الإندونيسي، رئيس الإدارة العامة للاعلام والدبلوماسية العلنية في وزارة خارجية جمهورية إندونيسيا شيشف هارفان، والسفير فوق العادة والمفوض لجمهورية إندونيسيا في روسيا، محمد وحيد سوبريادي ، والمستشارة الخاصة لرئيس جمهورية إندونيسيا للشؤون الدينية الدولية سيتي روخيني دزامهماتين، وممثلو المنظمات الدينية في إندونيسيا، ودبلوماسيون من وزارة الخارجية الاندونيسية ومن سفارة اندونيسيا في موسكو.
وخلال الفعالية، ألقى مفتي الجمعية الدينية لمسلمي روسيا، عضو في المجلس الاجتماعي لروسيا الاتحادية ألبير كرغانوف، كلمة قال فيها:" تعتبر الحرية الدينية احد العوامل الهامة جدا، في الحفاظ على السلام على كوكبنا وأحد معايير مستوى ومدى الحرية في مجتمع معين. ولكن في الوقت الراهن، تتعرض حرية المعتقد الديني، لدى معظم سكان العالم وتتعرض للضغط المتزايد. وتعاني الجاليات والطوائف المختلفة بسبب الانتماء الديني. ويتم بشكل متزايد وواضح، زج الدين في البعد السياسي، ولكن هذه الامور لا يجوز ان تتحول الى ادوات ضغط والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، واما مظاهر الإرهاب والتطرف فيجب أن ينظر إليه بمعزل عن الهوية الدينية والعرقية والثقافية ".
وأشار الجانبان الروسي والإندونيسي إلى أهمية سيادة سياسات الدول، والحفاظ على الثقافات والأديان التقليدية وتطويرها، وأضرار التدخل الخارجي التي تستخدم فيها الخلافات الدينية للتحريض على الكراهية والتوتر الاجتماعي.
وأشار نائب سكرتير المجلس الاجتماعي الروسي، سيرغي أورجونيكيدزه، إلى الصفة الفريدة لروسيا كدولة يتمتع فيها ممثلو أكثر القوميات والديانات تنوعًا بالحقوق والحريات.
من جانبه لاحظ رئيس الإدارة العامة للاعلام والدبلوماسية العلنية في وزارة خارجية جمهورية إندونيسيا شيشف هارفان، الدور المتميز والهام جدا لوسائل الاعلام التابعة للمنظمات الدينية ولزعمائها في الحفاظ على انسجام التعددية الثقافية والسلام بين الأديان في اندونيسيا.
وتطرقت لقضايا حرية التعبير وحرية الدين، المستشارة الخاصة لرئيس جمهورية إندونيسيا للشؤون الدينية الدولية سيتي روخيني دزامهماتين، في الكلمة التي القتها خلال الفعالية. وتحدثت ممثلة إندونيسيا عن دور عنصر الفساد في تفاقم النزاع بين الطوائف ومحاولات التصدي للتحديث من جانب بعض الموظفين المسؤولين الذين يخشون فقدان منافعهم الشخصية بسبب ذلك.
وفي كلمته امام المشاركين في الفعالية، تطرق رئيس لجنة تنسيق العلاقات بين الأعراق والديانات في المجلس الاجتماعي الروسي يوسف ديسكين، الى مشكلة عدم وجود الشعور بالوحدة الوطنية بين الاشخاص القابلين للانغماس في التطرف والنشاط الارهابي.
ويرى هذا الخبير الروسي، أن الصعوبات التي تقف على طريق التنشئة الاجتماعية، تتغذى بالاعلام التخريبي المغرض من جانب "تحالف تجار الرعب" ووسائل الإعلام، التي ترفع من شعبيتها عن طريق نشر القصص المخيفة، وكل ذلك يؤدي إلى الارتباك بين الناس.
وعن الأديان التقليدية في روسيا وإندونيسيا، تحدث غومار غولتم الأمين العام لاتحاد الكنائس الإندونيسية، وكذلك فيليب كونتجورو ويجيا، رجل الدين البوذي وكذلك سيرغي زفوناريف، سكرتير شؤون العلاقات الخارجية الكنسية في بطريركية موسكو وعموم روسيا.
وحول دور الإعلام في بناء السلام بين القوميات والأعراق والأديان في جمهورية اندونيسيا تحدثت السيدة زولفياني لوبيس، رئيسة تحرير بوابة IDN Times. واشارت الى الدور المتزايد في روسيا واندونيسيا، لوسائل الاعلام في الانترنت، لمواقع التواصل الاجتماعي . وقالت انه يتم في إندونيسيا، تنظيم حلقات دراسية وتدريبات متخصصة للصحفيين وأخصائيي الاعلام والمعلوماتية.
وعن تنوع وسائل الإعلام الروسية وعن ترويج الدولة الروسية لافكار التسامح عبر سياستها الاعلامية والدعائية، تحدثت الصحفية المختصة في الشؤون الدولية ناتاليا زاخاروفا.
وقالت هذه الخبيرة مركز سياسة المساواة بين الجنسين:" تتحدد القيم الشخصية للمرء عن اساس ثقافة ومعاير المجتمع المحيط به، وعن طريق قيم مجموعات الاتصال الصغيرة التي يربط نفسه معها والخبرة المتراكمة لحياتهم في عملية تشكيل الهوية ".
وفي حديثها، تطرقت الخبيرة لمثال جمهورية داغستان، وأشارت الى قمع الهوية الدينية هناك في الحقبة السوفيتية واستعادتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي زظهور روسيا الحديثة.
وتحدثت الخبيرة عن التأثير المدمر لظاهرة الفساد خلال تكوين الهوية المدنية المشتركة في جمهورية داغستان وعن الخطوات التي اتخذتها القيادة الجديدة لجمهورية داغستان لموازنة الوضع الاجتماعي، بما في ذلك عن طريق تشذيب وضع العلاقات القومية وعن طريق تنظيم المسابقات لشغل المناصب الوظيفية وتوزيعها وفقا للصفات المهنية فقط.
وتم خلال الطاولة المستديرة، تم عرض نتائج مراقبة الوضع في مجال الحريات الدينية في العالم، في الفترة من عام نوفمبر 2017 الى يوليو 2018، التي قام بها خبراء من الرابطة الروسية للحرية الدينية (RARS) على أساس المصادر المفتوحة.
ومن التقرير، تبين أن العدد الإجمالي لحوادث انتهاك الحق في حرية الضمير والدين، التي تم اكتشافها خلال الفترة المشمولة بالتقرير، لا يقل عن 600 حالة ومع الاخذ بالاعتبار، عدد وكمية وقائع الفوبيا الدينية والترويج للعلمنة، يصل العدد الى اكثر من 900 حالة.
وخلال الفترة المحددة بالتقرير، تم تسجيل 386 حالة من حالات الاعتداء الجسدي و 228 من حالات التمييز على اساس الانتماء الديني.
وبلغ إجمالي عدد ضحايا لانتهاك الحق في حرية الدين، 4 آلاف و400 شخص، وتوفي من بينهم 2252 شخصاً. وتم توزيع نسخًا من التقرير على المشاركين في الفعالية.
وأشار الوفد الإندونيسي إلى المستوى العالي للخبرة في هذا الحدث. وتم في نهاية الفعالية، التوقيع على الوثيقة الختامية من قبل حكومتي روسيا الاتحادية وجمهورية إندونيسيا ومن خلالها جرى التأكيد على الاستعداد لمواصلة تطوير العلاقات الثنائية الوثيقة والودية ، بما في ذلك عن طريق تنظيم ودعم المبادرات لعقد مختلف الأحداث على شكل الحوارات واللقاءات.
ومن أجل تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إطار الحوارات الثنائية، أعرب الجانب الإندونيسي عن استعداده لتقديم منح دراسية لعدد من الطلاب الروس لدراسة الإسلام في جامعة جاكرتا الحكومية الإسلامية الحاملة لاسم شريف هدية الله
(SyarifHidayatullahStateIslamicUniversity, Jakarta) ودعوة ممثلين عن روسيا لحضور معسكر الشباب الديني الدولي المشترك في عام 2019 ومعسكر الشباب لقادة المستقبل الدينيين.
ورحب الجانب الروسي بهذه الدعوات من قبل الجانب الاندونيسي وقدرها عاليا جدا.
واتفق الجانبان على اقامة الطاولة المستديرة المقبلة للحوار الديني والاعلامي المشترك في إندونيسيا، على ان يتم في فترة لاحقة الاتفاق على موعدها من خلال القنوات الدبلوماسية.