ظهرت في روسيا دار إفتاء رابعة على المستوى الفيدرالي العام وهي -الجمعية الدينية لمسلمي روسيا (DSMR)، ووفقا لفكرة المؤسسين فعملهم يتلخص بتنظيم الجديد ويأخذ بالاعتبار تجربة "الجمعية المحمدية في أورينبورغ" التي كانت قائمة قبل ثورة أكتوبر وكانت أول منظمة إسلامية في البلاد.

وفي حديث أدلى به لوكالة نوفوستي أشار رئيس المنظمة الدينية المركزية الجديدة، مفتي موسكو ألبير كرغانوف، إلى سبب تأسيس دار إفتاء جديدة أخرى على الرغم من الحديث المستمر على مدى سنوات حول ضرورة إقامة هيكل إفتاء إسلامي موحد وأكد على أنَّ DSMRستتعاون مع الإدارات الدينية الإسلامية الأخرى وحدد متى سيظهر مسجد جديد آخر في موسكو.

وأجرى المقابلة مع المفتي، أنطون سكريبونوف.

-حضرة الشيخ ألبير، كما هو معروف، هناك ثلاث منظمات إسلامية على المستوى الفيدرالي العام في البلاد وهي – الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية(DUMRF)،والإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا (CDUM)، ومركز التنسيق لمسلمي شمال القوقاز. ما الضرورة في تكوين وإنشاء دار إفتاء فدرالية أخرى؟.

- الحقيقة تكمن في أنَّ منظماتنا الإسلامية كانت، ومنذ مدة بعيدة، منهمكة في البحث عن نموذج للاتحاد. ونحن من جانبنا اتجهنا إلى جذورنا وقررنا الاعتماد على تقاليدنا. لم نقم بتقليد أنماط البنى الأجنبية، بل اعتمدنا على الأنموذج الروسي القديم(الجمعية المحمدية في أورينبورغ تأسست كما هو معروف في عام 1788م). وينعكس ذلك في التسمية نفسها – "الجمعية الدينية" وليس "الإدارة الدينية". والتسمية الجديدة تفترض اتباع نهج أكثر ليونة وليبرالية في مجال النظام الداخلي عند تكوين المنظمة. فالأمر المهم والأساس هو مبدأ الإسلام؛ لأنَّ القرآن يقول إنَّ المسلمين يحلون أمورهم وقضاياهم بالشورى. واليوم، من المهم جدا - أن نكون قادرين على الاستماع لبعضنا والتشاور، واتخاذ القرارات المهمة معا.

هل تعلم أنَّه يوجد في روسيا في الوقت الراهن عدد كبير من الإدارات الدينية المستقلة التي لا تنتمي إلى أي من المنظمات المركزية. لذلك، يمكن القول إنَّه لا يوجد أي تطاول أو تعدي على المراكز الدينية الموجودة حاليا، نحن قررنا توحيد هذه الإدارات الدينية المعروفة تحت اسم "الجمعية الدينية لمسلمي روسيا".

- كم من الإدارات الدينية تدخل في قوام الجمعية الجديدة؟

- اكثر من 10 إدارات دينية حتى يومنا هذا، ونحن ننظر في الكثير من العروض والمقترحات المختلفة وسنتخذ القرارات لاحقا.

- على سبيل المثال من اية إدارة دينية وصلتكم المقترحات؟

- من الإدارة الدينية لمدينة اومسك وسيبيريا وكيميروفو وتشوفاشيا وبعض مناطق حوض الفولغا والإدارة الدينية لمنطقة خانتي مانسي ذاتية الحكم وغيرها. ويمكن القول إنَّ الحديث يدور عن إدارات جدية.

- ما هو عدد الجاليات الداخلة في قوام (DSMR

- اعتقد حوالي 300. لم نقم حتى الآن بإحصاء دقيق لذلك. لقد اتفقنا على سبيل المثال، مع الإدارة الدينية لمسلمي داغستان، على أن تبقى في قوام مركز التنسيق لمسلمي شمال القوقاز - وتكون منظمة شريكة لجمعيتنا، إذ لديهم ما يقرب من ثلاثة آلاف من المراكز الدينية والمساجد. نحن لا نضع هدف جمع أكبر عدد ممكن من المساجد والمراكز الدينية تحت رعايتنا. المهم هو بناء وتنفيذ عمل صحيح يتسم بالاهمية الاجتماعية. وسيبين الزمن لنا ما يجب القيام به لاحقا.

- ماهي الاتجاهات الأولوية في نشاط منظمتكم؟

- قبل كل شيء، العمل مع الجيل الشاب والاهتمام بالتربية. بشكل عام سنقوم بتنفيذ كل ما يدعونا له القرآن الكريم.

وإذا تحدثنا تحديدًا عن ما يمكننا القيام به في روسيا فيما يتعلق بتنفيذ الكلام الرباني، فسنحاول أن نفعل الأشياء نفسها كما فعلنا من قبل، ولكن بمستوى مختلف نوعيًا.

- هل يفترض نشاطكم التعاون مع المنظمات الإسلامية الاجنبية؟

- بالطبع . فلقد قمنا في موسكو بتنظيم منتدى دولي تحت عنوان - "دور الدين في تعزيز وحدة المجتمع وتطوير الحوار بين الحضارات في القرن الحادي والعشرين". وشارك فيه ممثلون عن البحرين وسوريا وسلطنة عمان والمغرب ولبنان وتركيا وإيران ورابطة الدول المستقلة وحتى ممثل منظمة إسلامية من أوكرانيا. لذلك، نحن منفتحون على الحوار.

- ومع ذلك، هناك شعور بأنَّ الحوار بين المنظمات الإسلامية داخل روسيا لم يقم ولم يتشكل بالكامل. لماذا لا يستطيع المسلمون أن يتحدوا حتى الآن؟ ما هي برأيك العقبة التي تعيق ذلك؟

- من الصعب الإجابة عن سؤالك. أعتقد أنَّ لدى كل خبير وجهة نظره الخاصة حول هذا الأمر. المهم هو عدم تقسيم الناس وفقا لشكل العمامة على رؤوسهم أو الجبة. لا توجد دواعي" لنشر الغسيل الوسخ على مرأى الجميع" ولا داعي لإثارة الجدل بين الجمهور فقط لأننا لا نستطيع الجلوس معا والاتفاق. نحن نحث على التحدث والتواصل ومستعدون لذلك. لكننا ننتظر مقترحات محددة، ونموذج محدد (للتوحد). هذه النقطة مهمة للغاية ويجب صياغتها.

- وما هو النموذج التي تقترحه (DSMR

- نحن نقترح النموذج الذي كان قائما قبل الثورة البلشفية ونقترح أن يتكون شكلها الحالي عن طريق: الاتفاق، وليس بالضرورة الاندماج، وكذلك عن طريق صياغة ووضع نشاطات ومسالك مشتركة.

وأريد أن أقول إنني أحترم جميع شخصياتنا الدينية – حضرة الشيخ طلعت تاج الدين(رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا)،وحضرة المفتي الشيخ راوي عين الدين (رئيس الادارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية)، وقادة الدين الآخرين. ولكن، على الرغم من ذلك، تستمر الخلافات والمجادلات غير المفهومة لسنوات طويلة - على مدى 20 عامًا. يجب وضع نقطة النهاية في كل ذلك. نحن لا ندعو إلى أن تسود منظمتنا، بأي شكل من الأشكال. بل نريد أن نصبح جسراً يمكن من خلاله، بإذن الله، أن نكون قادرين على اتخاذ خطوات لتوحيد أفكارنا.

- هل تدعون للتوحد تحت راية ومظلة منظمتكم؟

- لم نطرح هذه المهمة قط.

- وكيف سيتم في هذه الحالة، بناء التعاون مع ديار الإفتاء الكبرى الأخرى؟

- مبدأ الإسلام يدعو بالذات الى التشاور والاجتماع خلالاتخاذ القرار. والمهم طبعا ليس كتابة ذلك وتدوينه على الورق، - أعني، في النظام الداخلي للمنظمات – لا توجد دواعي لوضع قواعد وأسس بيروقراطية. القاعدة والأسس يجب أن تكون روحية وذات مفاهيم إنسانية. ويجب أن تكون لدينا الأهداف نفسها التي نطمح إليها. هذا مهم جدا.

-من المعروف أن نشاط المنظمة الدينية يترافق بتكاليف مالية كبيرة. من أين تحصل منظمتكم على التمويل؟

- نحن نعيش دائما على التبرعات. لم نحصل بتاتا على تمويل مباشر من الدولة؛ لأنَّ الجمهور سيعد ذلك نوعاً من التدخل في شؤوننا. ولكن يجب القول إنَّ الدولة تساعدنا جميعًا.

- بأي شكل من الأشكال؟

- المساعدة تجري عن طريق المواطنين وبعض رجال الأعمال وكذلك المنظمات التي تمثل الدولة في روسيا إلى حد ما – كل هذه الجهات تساعدنا. بشكل عام المنظمات الدينية تعيش عادة على تبرعات – جمعياتنا ومساجدنا. وهنا نجد التفهم والدعم من المسلمين. وكما هو معروف مؤسسات الدولة في روسيا منفصلة عن المنظمات الدينية وليس لها الحق في التدخل في شؤوننا الداخلية. والدولة لا تقوم بتأسيس أو إلغاء المنظمات الدينية حتى في حال قيامها بانتهاكات ما، جاء ذلك في القانون الاتحادي "حول حرية الضمير والدين".

- هل من المفترض أن يكون لدى DSMR مركزًا محددًا بوضوح في منطقة ما؟ أو هذا المركز غير ضروري بتاتا من خلال الهيكل التنظيمي لمنظمتكم؟

- لماذا تم اتخاذ القرار بانتخابي كقائد للمنظمة ؟ لدينا زملاء أكثر جدارة، ولكن لأنني مقيم في موسكو، ومع الاخذ بالاعتبار الخبرة في العمل، طلبوا مني ترؤس المؤسسة. واليوم نحن نطرح أمام السلطات في موسكو، على اعتبارنا الإدارة الدينية لمسلمي مدينة موسكو والمنطقة المركزية "مفتية موسكو" /وهي أيضا تحت رئاسة ألبير كرغانوف/، موضوع الحصول على قطعة الأرض. اليوم، يتم البت في مسألة بناء مسجد في أراضي موسكو الجديدة. لقد صدر قرار بشأن بناء معابد هناك تابعة للديانات التقليدية الأخرى ولذلك ينتظر المسلمون صدور القرار الايجابي بذلك. نحن نأمل بأن يكون القرار إيجابيا. نحن نريد أن نبني مركزا ثقافيا وتعليميا مع مسجد، يمكن أن يزوره جميع المواطنين في بلادنا، وليس المسلمون فقط.

- ما هو عدد المصلين الذي سيستوعبه المسجد الجديد؟

- المسجد لا يكون كبيرا وسيتسع لحوالي ألف شخص.

- إذا جاء القرار ايجابيا كم ستستغرق عملية البناء من الوقت؟

- لدينا اتفاقيات مبدئية مع شركات روسية محترمة جداً، لا أستطيع تسميتها الآن. هناك أناس محترمون جدا يعرفهم المواطنين وهم على استعداد لتمويل بناء هذا المجمع بالكامل. هم مواطنون روس.

- ولكن حتى الان لا يوجد لدى "مفتية موسكو" المسجد الخاص بها؟

- يوجد لدى "مفتية موسكو" مقرها الخاص وكذلك قاعات للصلاة. ولكن للأسف لم يتوافر بعد مسجد كامل، ونحن بدعم من السلطات نقيم الصلوات في منطقة سوكولنيكي بموسكو. وهذا أمر طبيعي ولا يوجد شيء مخجل في ذلك. لا يوجد لدينا مسجد جاهز ولذلك يعمل أئمتنا في الظروف المتوافرة اليوم. يجب القول إنَّه بفضل دعم عمدة وسلطات العاصمة بات بمقدورنا إقامة الصلوات والشعائر الدينية في سوكولنيكي – هناك يقيم الصلاة أكثر من عشرة آلاف شخص – لقد تمكنا من اثبات مقدرتنا على تنفيذ ذلك العمل حتى من دون وجود مسجد. وهذا العمل بفضل الله سبحانه وتعالى يجري على مدة ست سنوات ولم تصدر أية ملاحظات من جانب السلطات حول تنظيم هذه الفعاليات الدينية. بعبارة أخرى يمكن القول إنَّنا نملك القدرة التنظيمية لتنفيذ عملنا. هناك من يصفنا "بالمفتية المتواضعة" – هذه التسمية تعجبني جدا وهي تشبه إلى حد كبير عبارة "الأشخاص المهذبين" أو "المفتية المهذبة". لنأمل أن يكون كل شيء بخير بفضل الله وعونه.

YouTubeR خطأChannel ID:UCP1dhR_czJ1f38b1LDFP8dw not found