شارك رئيس الجمعية الدينية لمسلمى روسيا ومفتي موسكو وعضو الغرفة العامة للاتحاد الروسي ألبير حضرة كرغانوف في المؤتمر الاستشاري الخاص بوزراء الشؤون الدينية والمفتين العامين للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والذي تم تنظيمه من قبل رئاسة الشؤون الدينية التركية.
قام مفتي ألبير كرغانوف بإلقاء الكلمة خلال المؤتمر الذي دعي لحضوره وزراء الشؤون الدينية والمفتين العامين لكل من الدول الـ 68 الأعضاء والمراقبة ضمن منظمة التعاون الإسلامي، والذي سوف يتطرق للتطورات الحاصلة فيما يتعلق بسوف يتناول العديد من القضايا التي يحياها المسلمون وفي مقدمتها الإسلاموفوبيا وقال:
الإخوة الأعزاء المشاركين في الاجتماع التشاوري لمفتين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي! أخونا العزيز الأستاذ الدكتور علي أربش، رئيس منظمة الشؤون الدينية في تركيا! أصدقائي الأعزاء!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
نيابة عن الجمعية الدينية لمسلمي روسيا، أحييكم بحرارة وأعبر لكم جميعًا عن خالص احترامي العميق، فضلا عن تمنياتي بالسلام والصحة والرخاء ورحمة الله سبحانه وتعالى.
كما أود أن أعرب عن امتناني الكبير لإدارة رئيس الجمهورية التركية وإدارة الشؤون الدينية وجميع المنظمين على دعوتهم للمشاركة في هذا الحدث الرفيع.
ينعقد مؤتمرنا هذا على خلفية وضع خطير للغاية في فرنسا - قطع رأس مدرس تاريخ وفلسفة على يد صبي يبلغ من العمر 18 عامًا تعود أصوله الى جهة القوقاز. وصنفت السلطات الفرنسية جريمة القتل هذه على أنها عمل إرهابي. وتم اعتقال 14 شخصا من بينهم أطفال. انها إشارة خطيرة جدًا للمجتمع بأسره، في رأينا، يجب أن نناقش اليوم أيضًا الموضوع الحالي للتطرف والسيطرة بين فئة الشباب. القضية معقدة. من ناحية، هناك مشكلة إسلاموفوبيا واضحة، ومن ناحية أخرى، سلوك غير ملائم لبعض ممثلي الدين الإسلامي، الذين لا يروجون لأسس دينهم كما ينبغي، ولكنهم يحاولون فرضه بالقوة. وهذا النهج يؤدي بالتأكيد إلى رد فعل عنيف تجاه الإسلام والمسلمين. في هذا الصدد، نحن بحاجة إلى تثقيف الشباب، وتعزيز التعايش السلمي، والتعايش بين مختلف التقاليد الدينية، بالطريقة التي علمها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لصحابته ولأجدادنا.
نحن المسلمين الروس، نؤيد قلقنا المشترك إزاء الزيادة الأخيرة في ظاهرة الإرهاب ومظاهر كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا) في العديد من الدول الغربية، والتعديات المختلفة على الصورة المشرقة لدين الإسلام العظيم وصورة المسلم المتدين.
بصفتي كمسلم ومواطن من روسيا، يسعدني أن ألاحظ أن الاتحاد الروسي، بمبادرة من الرئيس فلاديمير بوتين، حصل على صفة مراقب في منظمة التعاون الإسلامي، وتعمل بنجاح مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا - العالم الإسلامي"، التي يترأسها رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف، وقد تطورت تقاليد تعاوننا.
مفهوم السياسة الخارجية لروسيا يعتبر من أولوياته، توسيع نطاق التعاون مع دول العالم الإسلامي وتطوير الشراكة في مجموعة كاملة من المجالات.
اليوم، نحتاج جميعًا إلى فهم عميق لجوهر الأزمة العالمية الحالية، وأسباب تراجع القدرة على الإدارة العالمية وتزايد عدم الاستقرار في الحياة الدولية، وأسباب انتشار التطرف والإرهاب، وتنامي كراهية الأجانب وكراهية الإسلام، والتمييز بين الناس على أسس دينية وعرقية وغيرها.
يجب علينا نحن المسلمين في مختلف البلدان أن نوحد جهودنا لتكوين فهمنا المشترك لهويتنا الحضارية الإسلامية والذاتية، وأهداف وغايات التنمية الاستراتيجية للأمة العالمية في الظروف الراهنة، في الحاجة إلى تعزيز وحدتنا وتضامننا.
في وثيقة التنمية الاستراتيجية، التي اعتمدتها مؤخرا الجمعية الدينية لمسلمي روسيا، أكدنا على أن "الإسلام هو أساس الحضارة الإسلامية ويحتوي على إمكانات قانونية واجتماعية وروحية وأخلاقية وتعبئة وتكاملية كبيرة لتنمية الأمة العالمية. إن تضامن العالم الإسلامي وتعزيزه ومواصلة تطويره واستمرار حوار الأديان والحضارات العالمية والحالة العامة للعلاقات العالمية تعتمد إلى حد كبير على الفهم الحقيقي والصحيح لأسس الإسلام".
يظل المسلمون الروس مخلصين لأسس الإسلام التي لا تتزعزع، ونحن نفهم أن دين الإسلام العظيم وتقاليده وقيمه وروحانياته تحمينا وتحمي العالم الإسلامي بأسره، وتمنع أسسه الروحية والأخلاقية من الانحلال والإندثار.
مهمتنا المشتركة هي تعزيز دور الإسلام الوقائي، الذي يخلق ضمانات قوية لتطور الحضارة الإسلامية على أسسها الروحية وتقاليدها والحفاظ على ذاتيتها التاريخية.
نحن على قناعة راسخة بأن تفاعل الحضارة الإسلامية مع الحضارات الأخرى في عالم اليوم المفتوح، ينبغي أن يقوم على أساس التعايش السلمي والحوار المتساوي والمحترم، مع الحفاظ على الهوية الحضارية الإسلامية وأسسها المادية والدينية والروحية والأخلاقية إضافة إلى القيم والتقاليد.
إن المستوى العالي لهذا المنتدى يسمح لنا بجمع وتلخيص مشاكل ومهام النظام الاستراتيجي، التي يتطلب حلها توحيد جهودنا. من الضروري مواصلة وتكثيف عقد مثل هذه المنتديات الدولية بمشاركة واسعة من اللاهوتيين والفلاسفة والخبراء والسياسيين من أجل تكوين أعمق لأفكارنا حول هوية وذاتية الحضارة الإسلامية، ومكانها ودورها في العالم الحديث، حول المشاكل الاستراتيجية لتطورنا. في هذا السياق، ومن خلال تكثيف عقد مثل هذه المنتديات وبحضور أوسع للمشاركين الأجانب، تقوم الجمعية الدينية لمسلمي روسيا بعمل منهجي لتعميق دور الدبلوماسية العامة والدينية وحماية حق المواطن الأساسي في المعتقد.
جمهورية تركيا، ممثلة في ديانت، تساهم بجهد كبير في الأنشطة الإعلامية وتعزيز أسس أهل السنة والجماعة، وحماية حقوق المؤمنين في العالم، والنشاط التبشيري والنشر على مستوى عالٍ. في الآونة الأخيرة، تم افتتاح مركز دولي لمكافحة أيديولوجية التطرف في المملكة العربية السعودية. ونحن في روسيا نبدي اهتمام كبير بتجربتهم في مراقبة نشاط الجماعات الإرهابية في الفضاء الإلكتروني، ونشر أيديولوجية التطرف، وتجنيد نشطاء جدد، والخبرة في تصحيح رؤية الإسلام المشوهة من قبل المتطرفين، وتعزيز أسس التعاليم الدينية التقليدية والمعتدلة.
من الضروري تنسيق تنفيذ المهمة الاجتماعية للإسلام، وكذلك أنشطة حفظ السلام التي تقوم بها المنظمات الإسلامية لمنع الصراعات والحروب في العالم الحديث.
تنفيذ هذه المهام الإستراتيجية وغيرها، يتطلب تعزيز الوحدة والتضامن الإسلاميين. يدعونا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله: "وتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ " (سورة المائدة الآية 2).
يجب على الناس تعزيز الروح المعنوية لديهم وتأكيد أنفسهم في الأعمال الصالحة والتقوى، في علاقة احترام تجاه أتباع الديانات والجنسيات الأخرى. وأسأل الله تعالى أن يحفظ السلام على الأرض وينعم علينا بالطمأنينة والازدهار.
" وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُۥ وَٱلْمُؤْمِنُونَ " (سورة التوبة الآية 105) صدق الله العظيم
اسمحوا لي في ختام مداخلتي، أن أعرب مرة أخرى عن امتناني لتنظيم مثل هذا التواصل الشامل حول قضايا الساعة. شكرا لاهتمامكم!
والسلام عليكم وحمة الله وبركاته.
https://dsmr.ru/ar/1542-2020-11-11-15-58-53.html#sigProIddf26238ebe